الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

مواطنون... لا رعايا

خالد محمد خالد
"هذا كتاب يجئ مع الربيع ليبشر بالحرية أمة أضناها صقيع الأستعباد"..!
كان صقيع البغى يهرأ أجساد البشر فى المنطقة التى نعيش فيها نحن شعوب هذا الشرق العربى..
كانت حفنات تعد على أصابع القدمين من الملوك، وتأمراء، والأقطاعيين تسخر الحياة والأحياء لخدمتها.
فى كل بلد عربى، كان ثمة طغاة ومستهترون يحتسون دموع اليتامى، ويرقصون على حشرجة الضحايا، وكان شعارهم دوما:
اليوم خمر..وغداً خمر...!
ولكن سورة الانبعاث القومى كانت تتجمع وتتنادى.
وكانت قصائد الشعراء، ومقالات الكتاب، ومحاولات السياسيين الشرفاء وإصرار الجيل الجديد الصاعد..
كان ذلك جميعاً بؤكد وجود الطليعة التى ستقتحم الهول وتبدأ الزحف وتقرير المصير.
كانت القصيدة تنظم فى بغداد.. فلا تمضى ساعات أو أيام حتى تكون ملء أفئدة المناهضين بمصر وعلى ألسنتهم.
وكانت المقالة تنشر فى القاهرة..فإذا هى بعد برهة حديث الناس فى بغداد وفى دمشق، وفى الأردن، وفى الحجاز واليمن، وكل وطن عربى.

وكان ذلك أمراً مألوفاً ببل محتوماً فمشا، كلنا كانت واحدة..
الطغيان، والأقطاع..
السجان، والجلاد..
الشقاء، والمسبغة..
كل ذلك كان هنا، وهناك..
كذلك كانت وثبة الجموع المرتقبة واحدة.. وإصرارها المتبدى، واحد.
وكان فجرها المنتظر مع تلك الجموع كلها على ميعاد..!



(من مقدمة كتاب مواطنون ... لارعايا - خالد محمد خالد - 23 أغسطس 1958)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق